كانت ومازالت محافظة كربلاء المقدسة واحدة من المدن التي تتميز بنشاطاتها المدنية والتطوعية، لا بل ان ما يقدمه عامة الناس فضلا عن المؤسسات في الزيارة الاربعينية، يعد من اكبر واوسع واكثر الاعمال التطوعية شمولية وإنسانية، فالهدف (وهو ذكرى الامام الحسين ع) يغلب على التوجهات والفئات والألوان والاعراق، ولذلك اكتسب أهالي المدينة خبرة عالية في تنظيم الفعاليات الكبيرة الحجم، وتهيئة الظروف الملائمة للتنفيذ باحترافية قل مثيلها، ومثلهم أيضا أعضاء المنظمات والفرق التطوعية وفروع المنظمات المحلية في كربلاء، فاغلب هؤلاء يشارك في الفعاليات المختلفة ومنها الزيارات، ويصبح عضوا مميزا في مجال التهيئة والتنظيم والاعداد اللوجستي، لذا فإن منظمات المجتمع المدني في كربلاء نجحت في فرض وجودها على الساحة المحلية، ونظمت الكثير من النشاطات المهمة والاساسية في المحافظة، واحتضنت العديد من البنات والشباب في التدريب والتعليم والمشاركة والبحث والرصد والاعلام والمجالات الأخرى، فكان لمنظمات المجتمع المدني الدور المهم في تقوية مهارات الشباب وخلق بيئة لإثبات الذات والظهور.
ومما تقدم يتوضح لنا أهمية هذه التجربة الحديثة على مجتمعنا، ففي العهد البائد لم يكن الشباب والاكاديميون وغيرهم ليتمكنوا من تشكيل وتسجيل المنظمات، ولا التجمع والعمل الا في اطار سياسة الدولة العليا ومواقف النظام، ولحداثة هذه التجربة على المستويين الوطني والمحلي فإن الكثير من المشاكل شابت هذه التجربة قد يطول شرحها، من أهمها تسلسل المنتفعين إليها لغرض الاستفادة الخاصة إعلاميا وماديا، واستخدامها منصة لتصفية الخصوم السياسية من خلال تشكيل اغلب الجهات السياسية لمنظمات شكلية فقط، فضلا عن تسويق الرؤى والتشريعات والأفكار بدون نقاش محلي؛ وبدون ان يلائم الجو العام، لكن على مستوى المحافظة أرصد دوما بعض المشكلات التي تتعلق بالتخصصات في المجتمع المدني، فاغلب المنظمات المسجلة تعمل في مجال الإغاثة، وهذا امر مهم جدا ومفيد، لكن يشوبه بعض المشكلات الأخرى والخاصة بمصادر الأموال، وهذا ليس اطارا عاما، اما التخصصات الأخرى المتوفرة في المحافظة فهي:
1. منظمات وفرق تختص بالتوعية.
2. منظمات وفرق تختص بالشباب.
3. منظمات وفرق تختص بالثقافة.
4. منظمات وفرق تختص بالإعلام.
لكن حقيقة، وبرغم وجود منظمات تختص بالمرأة والاسرة، ومنظمات تختص بالبحوث والمسوحات والتقييمات، الا ان الوضع الكربلائي يحتاج الى منظمات تركز أكثر على وضع المرأة من ناحية التمكين والحماية، فضلا لحاجة المجتمع لأرقام واحصائيات ومسوحات مستمرة حول المواضيع الحساسة في كل الاتجاهات.
اما التخصصات الغائبة عن الساحة الكربلائية والتي تحتاجها المدينة والمجتمع المدني من وجهة نظري:
1. منظمة او فريق تطوعي او فرع لمنظمة وطنية يختص بالسياحة.
2. منظمة او فريق تطوعي او فرع لمنظمة وطنية مختصة بالتراث وحمايته.
3. منظمة او فريق تطوعي او فرع لمنظمة وطنية مختصة بالزراعة والتوعية البيئية.
4. منظمة او فريق تطوعي او فرع لمنظمة وطنية لحماية الحريات الفردية والمجتمعية.
ان التخصصات أعلاه تتسق والبيئة الخاصة بكربلاء، فكلما كانت المنظمات تعالج زوايا متداولة مجتمعيا، كلما زادت أهمية تلك المنظمات وأصبح عملها تكامليا مع المؤسسات.
المصدر جريدة صباح كربلاء