هل رفعت الاقلام.. هل جفت الصحف

بقلم:عدنان طعمة

 

كل يبحث عن خلاص له من خلال عقيدة او دين او عرفان ذاتي يتماهى مع رب او ما يعتقده الناطق باسم الله في الارض أو تتجسم فيه بعض من العناية الالهية..
الغني والفقير ، المثقف والجاهل، العلماني المادي والمتدين الصوري، الكاذب والصادق…
كل يبحث عن خلاص..
امراة كردية عجوز احدق فيها في سيارة الكوستر وهي تحمل مجسم للديانه الزرادشتية، ومابين الوقت والاخر ترفعه الى صدرها شعورا منها ان فيه روح إله يمنحها اللذة الروحية…
كان ذلك في تسعينات القرن الماضي وفي رحلة هروبي الفاشلة، وفي الطريق الطويل الذي يربط بين مدينتي السليمانية ودهوك الكرديتين…
منطقة ضبية في المتن الشمالي من بيروت حيث كنت اقيم وأسكن وذات الاغلبية المارونية المسيحية، كنت اشاهد كيف يشعل كبار سن من الرجال والنساء شموع على مجسمات صغيرة وضع فيها تماثيل صغيرة للسيد المسيح والسيدة العذراء وهم يمارسون طقوسهم اليسوعية الخاصة…
في ادلب السورية عملت في بيت لأيام قلائل، كان يرى اهله ان التقرب زلفى للعضو التناسلي الانثوي يقربهم الى الله وان ذلك العضو الانثوي هو دار الشفاعة الحقيقي…
حي السلم في جنوب بيروت حيث الفقير الشيعي وقع نظري على امراة في ساحة يطلق عليها (الموقف) وهي تحدث الفراغ ان الامام الحسين سينزل من عرش السماء ويقتص من اولادها الظلمة…
في العراق حدث ولا حرج اذ تتكاثر الاضرحة المحلية على طول المساحة الجغرافية للعالم البشري الشيعي خاصة..
كل يبحث عن خلاص، يهودي، مسيحي، مسلم، صابئي او ملحد مفكر طرحه المرض على الفراش او بلغ من العمر عتيا..
الغني والفقير يبحثان عن كائنات شريكة لها تبعدها عن وحدتها ووحشتها وتشعرها بوجودها الانساني..
تقول لي هل ينطبق الحال على الأثرياء او فاسد نهب ثروات بلده.. اقول لكم نعم..
النقي والفاسد يشتركون في رحلة الخلاص هذه…
ما بين شتاء راحل يودعنا اليوم بزخات مطر وديعة وباستقبال صيف يلوح لنا بحرارته القائضة، كل واحد فينا تسكن الوحشة زوايا نفسه ويبحث عن الخلاص..
وكل فينا يشعر ان اوراق عمره المتساقطة فوق رصيف عمره وحياته التي رزحت تحت وطأة الخذلان، تلزمه ان ينقب عن مصدر يتعلق له للخلاص.
كل يشعر فينا انه لا يتذوق سوى طعم الهزيمة وتجرع المزيد من الالام في نهاية المطاف، ولا مفر له سوى البحث عن نجاة..
لا توصيف للانسان سوى ضعفه البشري امام اهوال الدنيا وحيرة عقله الصغير الذي تتأرجح فيه مختلف الظنون…
نكابر ونفوسنا
ولا نهاية لنا سوى الاستسلام لمن نرى فيه يوفر لنا الخلاص حتى لو كان وهما..
أكرر : حتى لو كان وهما