يقولون ان القطط عادة ما تحب خناقيها !
والطيور التي ولدت في الأقفاص لا تتعلم الطيران بسهولة، إنها اعتادت على الأمان الكاذب !
هناك تباين حاد في الآراء والمشاعر إزاء الأنظمة المخلوعة، يتجلى في فريقين :
الأول أبدى شعورا بالغبطة والانتصار لإرادة الجماهير التي أسقطت أنظمة الفساد والقمع واحتكار السلطة.
والفريق الثاني عبر عن تشاؤمه من مستقبل هذه البلدان التي بدأت تعمها الفوضى ونزعات التعصب العشائري والطائفي والمناطقي مما أفقد الدولة هيبتها، الشيء الذي يدفعها للترحّم على الأيام الخوالي والقول بقبول ما يعرف بـ”الدكتاتوريات الوطنية” وتفضيلها على مشاهد الانفلات الامني وتنامي نزعات التطرف وظهور تيارات مسلحة غير منضبطة كدليل واضح على ضعف الدولة بل على غيابها.
ثمة شيء آخر أكثر غموضا وتعقيدا في تفسير حالة التعاطف مع الدكتاتور بعد خلعه، هذا الأمر يتعلق بتعقيدات نفسية متصلة بتعاطف الضحية مع الجلاد أو ما يعرف عند الأطباء النفسانيين بـ“متلازمة أستوكهولم”، هذا المصطلح الذي يشير إلى تعاطف المختطفين مع خاطفيهم.
احيانا نجد ان الدكتاتور يجعل ضحاياه تتعاطف معه إلى درجة المحبة والتعلق بشخصه والتغني بـ“مآثره” إلى حد المفاخرة به وتمجيده، وهي حالة تميز سيكولوجيا الإنسان المقهور او الطائفي .. وما أكثر هؤلاء في العراق والعالم العربي.
وثمة اشياء اخرى قد تكون هي المحرك الاساس لشريحة معينة ارتضت لنفسها ان تكون طائفية بامتياز واداة رخيصة بيد من يدفع لها اكثر لذلك نجدها تنخرط مع الفريق المعادي لانها لا تزال تعيش اوهام الماضي في أحقية الحكم والسلطة وحصرها في مذهب معين !!
الشعوب التي تبكي الدكتاتور وتندبه، هي في الواقع شعوب تبحث عن دكتاتور بديل، تحني له ظهورها وتمنحه حناجرها وترخي رقابها لأنها تعلمت العيش جاثمة على ركبها. فلا خير في شعوب تمنح مصيرها ومستقبل أبنائها لشخص معتوه يمارس عليها عقده ويحكمها برابط شبه مقدس ثم يموت أو يقتل فيبكيه الجميع بحرقة ويصفق له ويتغنى باثاره كما حدث بالامس في مدينة الاعظمية او في المحافظات الاخرى !
السكوت على هذه الجرأة البعثية المتزايدة لا يعني ان الدولة قوية ومقتدرة ومتسامحة .. سكوت الدولة والمسؤولين المعنيين يعني ان الدولة ضعيفة ولا تدرك حجم المخاطر التي تحيط بها ..
بعد عام ٢٠٠٣ رفعوا الراية البيضاء وتوسلوا السماح لهم بالعودة الى الحياة الاجتماعية وان كل ما يرجوه هو الامن والامان لهم ولعوائلهم .. !!
ماذا حدث ؟
تدخلت المرجعية لحقن الدم العراقي وحرمت القتال والحرب الاهلية وحالات الانتقام ..
ثم تدخل بريمر وجعلها محاصصة وفرض علينا نظام جديد سلب من الاغلبية حقها الطبيعي في الحكم والانتخابات .. فسكتنا وقبلنا !!
تطورت الامور فيما بعد ان ابتلعنا طعم المصالحة الغبية !
لا اعلم عن اي مصالحة يتحدثون .. هل المصالحة كانت مع المكون السني؟
بالتأكيد لا ! فان المكونين السني والشيعي خال وابن اخت فلا توجد مشكلة حقيقية بينهما ..
اذا هي كانت مصالحة مع السياسيين السنة وازلام البعث .. والحقيقة من هنا بدأت المشكلة بعد ان أرتضينا الجلوس مع الذباحين والقتلة والارهابيين ووليناهم علينا وفي اعلى المناصب التنفيذية !!
هل تذكرونهم ؟ كم شخص منهم مازال يحتفظ بمنصبه او ورثه الى من هو اسوء منه !
المهم انهم امتداد للبعث الصدامي !
رؤساء البرلمان العراقي مثالا !
بعد كل دورة انتخابية توافقية محاصصاتية.. غالبا ما كنا نعض اصابع الندم ونبدأ نفكر عن كيفية اقالتهم .. جبناها من ابو سدارة الى ابو الدهن ، للاسف كلهم من طينة واحدة !
احكموا بالعدل واضربوهم بيد من حديد ولا تخافوا لومة لائم ابدا ..