يوجد الكثير من الناس تنتظر شهر رمضان من اجل الاحتفاء به قياما وقعودا ايمانا واحتسابا ولكل من هؤلاء طريقة وطريق الى الله.
الله الذي يشكل حقيقة الايمان الداخلي ونور الوجود . وقد يشكل هذا الايمان مواجهة مع قسوة الحياة واللحظات الصعبة التي يمر بها الانسان وكيف يستطيع ان يكسر بهذا الايمان الاغلال الداخلية ‘ والغرائز ‘ والاحقاد ‘ والضغائن . من اجل ان يتحرر من الظلام والحقد والحسد الى مساحات شاسعة من الضوء والنبل والضمير ليرتفع فوق شروط اللحظات القاسية ويتجنب ضراوة الدوافع النفسية واغراءات الذات والملذات.
هذا النوع من الناس تجدهم يتوهجون من الداخل في لحظات التحدي ضد الاستعراض والمتعة والشر . ترتبط الذاكرة الجماعية لنا بروح الصلة والصلوات مع الاهل والجيران والاصدقاء والعائلة حيث تشكل اوقات الفطور وموائد الافطار والاطباق العامرة ‘ وصوت مؤذن الحي والمنطقة يتحشرج بالدعاء والخشوع والتأمل . انتظار وقت الاذان يشكل اخر لحظات الصبر على الجوع والعطش ‘ وسرعان ما تتبادل الاطعمة بين الجيران . يأتي وقت ملء البطون ومن كثرة ما يؤكل تكاد لا تستطيع ان تجتز لها نفسا ‘ الكل يتسابق من اجل وضع اكبر كمية ممكنة من الطعام والحلويات والماء والعصير والمكسرات في جوفه ويستمر مسلسل الأكل الى وقت السحور وهو الوقت الذي تتجلى فيه الارواح بالدعاء والتضرع وصلوات الليل سحورا وتهجدا . ان الحرص على عمل الخير والامتناع عن الغضب والنميمة طيلة فترة النهار من واجبات ومسؤوليات الانسان الاخلاقية والدينية والتربوية والانسانية . يمثل شهر رمضان الجانب الروحي والاستعداد النفسي الذي يعيد للانسان حالة من التوازن الروحاني والجسدي وهو ايضا فرصة لاعادة النظر في الكثير من السلوكيات الاجتماعية وكيف نعيش وكيف سنمضي ‘ خاصة ممن عاشوا حياة الاقنعة والادعاء والكذب والتمثيل وهناك من يمسرح الحياة بتصرفاته واستعراضاته وادعاءاته . والبعض ما زال يرى الحياة بطريقة مقلوبة يعيش الحياة بمشاعر كاذبة ويخلق لنفسه قيمة مبالغ فيها ويفرط بالحصول على اي شي وبأي ثمة حتى اذا كان ثمن ذلك بيع نفسه وضميره وعقله . في دروب شهر رمضان الفضيل قد تصادف شخصيات ماكرة تتظاهر بالوداعة والادب لكن سرعان ما تكتشف انك وقعت في قبضة مخلوق اشر وخطير. مثل هؤلاء لا معنى للحياء والصدق والحب والفضيلة مكان في حياتهم. هل استطعنا في رمضان ان نتوقف امام انفسنا ونتأمل نرجسياتنا وذاتنا وقناعاتنا وطريقة تفكيرنا. لا يوجد انسان غير معني بما وصلنا اليه . الكل معني في البحث عن اجوبة سواء كنا حكاما او محكومين ‘ ورغم اننا نظن اننا لا نمارس الاخطاء لكن نحن جميعا مسؤولون سواء بصمتنا او بجهلنا او بعلاقاتنا او افكارنا فلا يحاول اي منا ان يتنصل من مسؤوليته الاخلاقية والثقافية والانسانية لكن هنا درجة المسؤولية تختلف من شخص الى اخر. لا يمكن ان نتحدث عن الجنة مثلا ونحن نتقلب في النار ‘ لا يمكن بعد ان ننتهي من الافطار والاكل نبدا بأكل بعضنا البعض. الطريق الى الله يبدا من مسائلة الذات ‘ الله خلق لنا عقل وهذا العقل يجب ان يكون حيا ويقظا مدركا لنفسه وعوالمه . لم يخلقنا الله لنكون امواتا فننشغل في النقل وننسى العقل.