الكاشي الكربلائي بصمة تراثية في مواجهة الحداثة

زينب عبد العباس

يمثل الكاشي الكربلائي أحد أهم مظاهر التراث المعماري الأصيل في كربلاء، ويمتد عمره الى ثلاثة قرون من الزمن تقريباً، وأصبح علامة فنية بارزة فيها وارتبط ارتباطا وثيقا باسمها، الرسم والزخرفة ونقش الآيات القرآنية الكريمة والخط كل هذه الأمور تشكل عناصر جمالية وفنية في أي قطعة من قطعه التي تحوله من طين الى لوحة فنية متكاملة، ومن حجر أصم الى عمل فني ناطق، وهذا ما ترجمته أنامل الفنيّين والمهندسين على أرض الواقع في إكسائها لجدران وأروقة العتبة العباسية المقدسة بمواصفات فنية وهندسية على هذه المادة مع إدخال مواد تجعله ذا ميزات يتلاءم والتصاميم المعدة له.
ومن أبرز المعامل الموجودة في كربلاء المقدسة معمل السيد عباس الموسوي وهو واحد من اقدم العاملين في هذه المهنة، إذ إلتقته (صباح كربلاء) فكان هذا الحوار:
من هم زبائنكم؟
– معملنا ينتج للجوامع والحسينيات وكذلك ديكورات البيوت، ويمتاز بالعمر الطويل والجودة العالية ويبقى ويدوم لمئات السنين.
ما هي المواد المستخدمة، وهل يتم استيرادها من الخارج؟
– نعم تستخدم الاصباغ ويتم جلبها من العاصمة بغداد ونستخدمها في عملية الطلاء.
كيف تتم عملية الرسم وطبع الصور على الكاشي؟
– لدينا عمل الخطوط والزخارف وطباعة الصور، أما بالنسبة للزخارف والنقوش فنقوم بالنقش والزخرفة يدويا، بينما الطباعة تتم بواسطة طابعات (ديجيتال) نقوم بتثبيتها على الكاشي ومن ثم الطباعة.
هل القوالب المستخدمة فقط بالطابع الاسلامي ام هناك طابع مدني؟
– في الطباعة نعتمد على الاسلوب الحديث واستخدام الحاسوب اما، الكاشي الكربلائي فيعتمد على المهارات الذاتية من الخطاطين والمزخرفين، ولدينا ايضا لوحات رسم يدوي وكل العاملين لديهم خبرة ومتمرسون بعملهم.
هل طرأت حداثة على عمل المعمل؟
– نقوم بتطوير المعمل باستمرار من ناحية الجودة كبريق الكاشي العالي والدقة في الزخارف واستقطاب أفضل الخطاطين للخط على الكاشي وهو خاضع للفحوصات المختبرية.
كيف تحافظون على جودة الكاشي الكربلائي من الظروف الخارجية؟
الكاشي الكربلائي لا يتأثر بالظروف الجوية الخارجية، لأنه يمتاز بالعمل المتقن والجودة العالية، وغير قابل للتغيير نهائيا؛ لأن درجة حرارته (900) درجة مئوية.
كيف تتم طريقة العمل؟
في البداية نقوم باختيار التراب حسب مواصفات معينة وبعد فحصه في المختبر يتم استخدام النقي منه، ونطحنه وندخله لمكابس لكبسه عن طريق قوة الضرب التي تصل إلى مئة طن، وبعدها يذهب إلى الأفران لفخره ومن ثم صبغه حسب الطلب، ثم يدخل الفرن مرة اخرى ومنه للتسويق.
هل هناك معوقات في عملكم؟
– نعم نحن متضررون كثيرا بسبب المنتج المستورد الذي هو اقل كلفة من منتجنا، والمعامل في الخارج المدعومة من ناحية الطاقة الكهربائية والوقود والمواد الخام، ولكن منتجنا ينافس المستورد من ناحية القوة والمتانة فالكاشي الكربلائي فن وأصالة.
هل هناك دعم حكومي لهذه المهنة؟
– الحكومة اهملت عملنا على الرغم ان معاملنا في كربلاء منذ مئات السنين تعمل وتنتج للمساجد والحسينيات ودوائر الدولة، هذا المعمل من بداية السبعينات واستقطبنا فيه ايادٍ عاملة ماهرة، ونحن بحاجة الى دعم الحكومة من ناحية الوقود إذ نقوم بشرائه من السوق السوداء.
هل تصدرون عملكم الى خارج العراق؟
نعم هناك طلبات تأتي من سوريا والامارات والكويت فقد عملنا جامع في دبي وعملنا جامع في باكستان ومسجد ايضا في لندن على حساب وزاره الأوقاف في زمن النظام السابق.

يقول رياض عباس أحد الأسطوات في هذا المجال: “ترصف هذه القطع كمربعات مع بعضها وعلى قياسات معلومة وتوضع تحتها قطعٌ صغيرة من الطين الحري لكي تستقر, ووجهها الى الأعلى ثم يطبع ويرسم الإطار وبعدها تأتي الكتابات والنقوش”.
وعن تلك الرسوم قال: “هناك نوعان من الرسوم؛ الأول النوع (السليمي) وتكون النقوش معه متعاضدة ومتشابهة والثاني يسمى (بناتي وحيواني) حين يقتصر على الورود والعصافير والحيتان.. أما بالنسبة للخطوط فتطعم برسومٍ نباتيَّة على الكتابة وورود حمراء لتعطيها رونقاً خاصاً، يجري التخطيط بقلمٍ خاصٍ يستعان لتوضيح الكتابة حتى لا تختلط الألوان مع بعضها بل هو بينها وخاصة بعد دخول الفرن الحراري، حيث تلون الورود والأوراق بعد (الحشو) باللون النيلي كما في الآيات والكتابات”.
وعن أهم المعامل قال الأسطة عباس: “هناك معامل في مدينة كربلاء وسميت باسمها لاستخدامها المواد الأوليَّة من التربة, وهناك نوعٌ من تربتها الصحراويَّة والغربيَّة، فهي صالحة لعمل الكاشي كونها خالية من الحصو أو النورة التي في الغالب تسهمُ في تشقق الكاشي، ويوجد طينٌ ايضاً من نوع خاص يساعد في صناعة (الكاشي المعرق) بعد إجراء عدة عمليات تصفية عليه وكما في بلاد الشرق كالهند وإيران وباكستان.. وفي كربلاء توجد عدة معامل منها: معمل حكمت ومعمل النصراوي ومعمل بابل ومعمل بحر، وفي ما بعد أصبحت شركات كشركة الغري للكاشي الكربلائي والنجفي وشركة كمال الدين، فضلاً عن أفران صغيرة في البيوت لإنتاج الكاشي والكتابة على الفرفوري، لكي تعطي لمعاناً وجمالاً في الوقت ذاته، أما الخطوط التي تستخدم في هذه القطع فهي تستخدم جميع الخطوط العربيَّة منها الرقعة والنسخ والديواني والكوفي ونادراً وحسب الطلب يستخدم الخط المعلق”.
تجدر الإشارة الى أنَّ هناك عدة أسماء وأنواع وأشكال وقطع منها: الجوك والخشافات, والند الذي تغلف به القباب كونه صغيراً ويدور في سطح القبة (الطربوش).

المصدر جريدة صباح كربلاء