بات الاعلام بمختلف مسمياته، واصنافه المرئي، والمسموع، والمقروء، وكذلك الاعلام الالكتروني؛ فاعلا اساسيا ومهما في حركة المجتمع، اذ نشاهد اليوم ان المجتمعات وبالاخص منها المجتمعات حديثة العهد بالديمقراطية، ووسائل الاتصال الاجتماعي و(السوشيل ميديا) يكون الاعلام فيها محرِّكا فهو من يمسك ببوصلة حركة المجتمع، وهو من يوجهها في الوقت نفسه وفق مايريد؛ وعليه اصبح الاعلام اليوم اخطر تأثيرا على المجتمعات من الحروب والاسلحة، وغير ذلك من الوسائل التقليدية الاخرى؛ وهنا نود ان نتساءل بصدق ومحبة عن دور الاعلام العراقي في حركة مجتمعنا وشعبنا؟ بعيدا عن تنظيرات السياسة والسياسيين، وبعيدا عن (تفلسف) بياعي الكلام؛ دعونا نقول: ماهو دور الاعلام الرياضي العراقي بكل انواعه (المقروء والمسموع والمرئي والالكتروني) في حركة المشهد الرياضي العراقي؟يمكننا القول؛ ان الاعلام المقروء اصبح منحسرا بعض الشيء بعد سطوة الاعلام الالكتروني، وانحسار الصحافة الورقية؛ وهذا الامر جعل الاعلام الالكتروني (اكثر) تاثيرا، واكثر حركة و(اوسع) انتشار وهذه حقيقة واضحة لا غبار عليها.الاعلام المرئي اليوم هو من يقود الرأي العام الرياضي العراقي من خلال تاثيره الملموس فضلا عن ان الاعلام المرئي هو ملامس بشكل كبير لكل اهتمامات، ومشكلات وعواطف الشارع الرياضي، واصبح بامكان البرامج الرياضية ان تدَّعي بانها تمثل لسان حال الشارع الرياضي العراقي بعد ان توجه الشارع لهذه البرامج، وجعلها تمثل منبرا حرا للتعبير عن ماتعانيه من مشكلات . فلاغرابة ان نسمع الجماهير وهي تهتف (المن اروح واشتكي حيدر زكي) ونعتقد ان هذه الحالة تمثل اعلى درجات النجاح للبرنامج الرياضي كونه قريبا جدا من معاناة الشارع الرياضي، وهذا الامر ايضا يحسب للبرنامج حينما يكشف بصدق ومهنية، واحترافية اعلامية عالية عن كل خفايا واسرار المشهد الرياضي. لكن اصبحنا اليوم نعاني من هذه البرامج التي تمادت كثيرا بتشويه الذائقة الرياضية العراقية؛ من خلال عرضها لمشاهد و(حركات) و(تصريحات) و(اطروحات) غريبة وعجيبة،لا بل شاذة احيانا!! وهذا الامر جعل البعض من هذه البرامج بمثابة منصات للتهريج والصياح والعياط وتصدير الافكار الغريبة والشاذة والمتطرفة لضيوف معروفين بتوجهاتهم وافكارهم غير السليمة. مما يشكل علامة بائسة جدا لطبيعة هذه البرامج ولا نعرف لماذا يصر البعض من مقدمي هذه البرامج؛ ان برامجهم هي ملكهم الخاص، وبالتالي فهم احرار فيما يقدمون وهذه كارثة ان يكون التفكير بهذه الطريقة السمجة والساذجة. ان الاصرار على تقديم ضيوفهم بالاساس (صنّاع) ازمات واحتقانات ومشكلات؛ يمثل عملية تاثير سلبية، وتلاعب بعواطف الجمهور، وهذه اساءة لرسالة الاعلام السامية التي تسعى الى بث قيم ومبادئ ومثل انسانيةعليا .فالاعلام اليوم يبني وطن، والاعلام اليوم يمكن ان يبني انسان، والاعلام اليوم ينمي وعي وطني معافى، والاعلام اليوم ينشر قيم المواطنة الصالحة، والاعلام اليوم يجمع ولايفرق؛ فليس من المعقول ان نشاهد شعبا توحده مباراة كرة قدم، وياتي برنامج رياضي يخرج فيه شخص يحاول ان يدق اسفينا في وحدة هذا الشعب . ترى الى اين نحن ماضون؟! لقد اعطينا كثيرا من الدماء وخسرنا زهرات شبابنا في ساحات القتال لاجل هذا الوطن . كيف يتسنى لنا ان نتقبل من محتقن، وصانع للازمات، والمشكلات؛ ان ينفث سمومه في برنامج رياضي لانه مختلف مع شخص ما؟! اتقوا الله بالعراق، واهل العراق وعلينا ان يكون اعلامنا ابيضا كوجه الوطن، بعيدا عن اصفرار افكار البعض واخضرار يد الاخر . لعن الله اول ظالم ظلم العراق، واهل العراق وآخر تابع له. وكان الله والعراق من وراء القصد .
المصدر جريدة صباح كربلاء