منطقة “الحر الصغير” انقطاع في مياه السقي وشح في مياه الشرب ومبزل يحتاج الى التغليف
نوفل الصافي
(وجعلنا من الماء كل شيء حي) آية قرانية صريحة وواضحة تجسد اهمية الماء في حياة الانسان، لا بل حياة الكوكب والبشرية وكل كائن فيه.
ف(الماء أصل الحياة)، هكذا رآه السومريون ونقشوه على رقمهم الطينية، فيما لم تقف الاساطير وادبيات الديانات عند هذا الحد اذ انها قرنت الماء بالاله!! ففي النشأة الاولى استوى على عرش فوق الماء.
من أجله نشأت الحروب، وبوجوده كانت المدن والدويلات والامبراطوريات والحضارات، وما وادي الرافدين او بلاد النهرين تكون لولا وجوده؛ ولعوارض مناخية وبيئية؛ تمر الشعوب والمجتمعات كافة بازمات حادة في المياه لاسباب عديدة أولها وأهمها سوء الادارة وفوضى التنظيم وعدم العدالة في توزيع الحصص المائية.
كربلاء المقدسة؛ ربما هي المدينة الوحيدة في العالم نشأت على مفردة (العطش) و(ملحمة الظمأ)، وربما ايضا شاء لها القدر؛ وسنّ لها هذا القانون لتبقى بعيدة عن ذاكرة الارتواء، فبالرغم من الاعلان الرسمي عن تنفيذ كثير من المشاريع المائية وتغليف المبازل، مازالت اجزاء ومقاطعات كبيرة من المدينة لايصلها الماء، بعكس أماكن أخرى يفيض فيها عن حاجة انهارها ومبازلها وسواقيها.
يقول السيد حيدر داخل/ صاحب ارض زراعية : ان مشكلتنا مع المياه ومعاناتنا ليست حالة وقتية او طارئة؛ ففي كل سنة ابتداء من الشهر السادس فصعودا ينقطع ماء السقي تماما، الماء الذي يغذي البوبيات من نهر الحسينية، وكأن هناك توقيتا سنويا لهذا الانقطاع، وهذه الاشهر هي أشهر (ذروة) السقي المهمة لري اراضينا وبساتيننا العامرة بالنخل واشجار الفواكه المتنوعة.
شحة مياه الشرب
مضيفا: ان هذه المعاناة ليست فردية بل هي عامة ولاتقتصر على سقي الاراضي، بل يشمل حتى ماء الاسالة اذ ان منطقتنا (الحر الصغير)تقطنها الآف العائلات ؛ وانبوب الاسالة فيها حجم (ابو الاربعة) !! فضلا عن الآف الدوانم الزراعية؛ ابتداء من المبزل المتفرع من البوبيات، وبالتحديد من اسواق برتقالة؛ حتى مدرسة (ريحانة) وزاد الامر سوءا اعمال واشغال دائرة الماء على نهر البوبيات لتغليفه، هذا المشروع الذي بوشر العمل فيه دون اشعار او اعلان عنه كي نأخذ احتياطاتنا ، ابتداء من بداية شارع الوائلي من جهة (البوبيات) وصولا الى قنطرة العبور الى منطقة (الروضتين) وعلى مراحل ؛ كل مرحلة يبلغ طولها 500م وتم قطع الماء منذ اسبوعين دون ان يكون هناك عمل مرئي او واضح في مشروع التغليف سوى تحويلة مؤقتة لاتؤثر على جريان الماء، ولاتستدعي هذا القطع، هذا المشروع منع المياه من الوصول الينا، ما أجبرنا مضطرين لحفر الابار في اراضينا، وننتظر الكهرباء يوميا الى ساعات متأخرة من الليل ساهرين للحصول على قدر مناسب من المياه الجوفية لري مزروعاتنا، وهذه كثيرا ما تشح عينا بمائها؛ لان الكل يستخدمها، ولانعلم الى متى ستبقى هذه المعاناة؟ فليس هناك من يلتقي بنا كي يوضح لنا توقيتات نهاية المشروع الذي يقال انه سينجز بعد شهرين!! اي في زيارة (الاربعينية).
وختم داخل حديثه بـ: اما معاناتنا الكبيرة من المبزل نفسه الذي يبدأ من (اسواق برتقالة حتى مدرسة ريحانة) فهذه طامة كبرى حيث الروائح الكريهة، والمخلفات بانواعها التي تسببت بانتشار الامراض الجلدية والتنفسية خصوصا عند الاطفال وكبار السن وجعلت الحياة لاتطاق، علما ان هذا المبزل داخل في ضمن خطة التغليف فلماذا هذا التلكؤ؟ واين خطة العمل؟
نهر الرشيدية، جفاف ومعاناة
فيما قال المواطن محمد جاسم: ان نهر الرشيدية الذي يمر بنا قادما من نهر الحسينية؛ الذي نعتمد عليه كليا في السقي، اصبح (خيوطا مائية)، في حين لو ذهبت الى مناطق الحسينية والعطيشي و(الجريه) وآل (بوحويمد) التي نطلق عليها (صدور النهر) تجد المياه فيها وفيرة، وايضا نهر المغلف الذي يمر بمحاذاة (عون) لاتجد فيه مشكلة او شحة، فمناسيب المياه عالية تكاد تفيض من جانبيه، اما نهر الرشيدية الذي يمر بنا ويصل الى الشريعة مرورا بمنطقة السوادة بطول17كم فلايرتفع فيه منسوب الماء الان اكثر من شبرين!! فضلا عن عملية رمي الانقاض والمخلفات الحيوانية على كتفي النهر واضاف جاسم: ان المياه موجودة ومتوفرة ولكننا لا نحصل على حصتنا المقررة منها ولو ان المسؤولين في دوائر الري والماء واصحاب الشأن جعلوا اطلاق الماء من مصدره الاساس (نهر الحسينية) بطريقة (المراشن)؛ اي تخصيص حصة مائية لكل منطقة، لها موعد ثابت كأن يكون ثلاثة أيام لنا ومثلها لغيرنا؛ وهذا ماكان معمول به قبل 2003 ويتم الامر بغلق النهران الفرعية والجداول والبوابات ويتم توجيه الماء الى منطقة الشريعة مثلا، يوم لمسير الماء لحين وصوله وثلاثة ايام لسقي الاراضي وكانت تسمى (كرخة الشريعة) وهكذا الى باقي المناطق وباشراف حكومي.
مبينا أنه: لو كان هناك اهتمام من دائرة الري والماء لعملوا على كري الانهر مع وضع خطة توقيتات للمراشنة ومتابعة ميدانية من صيانة ري وبزل كربلاء؛ فلو كان هذا موجودا لما كانت هذه الازمة السنوية_ أشهر الصيف بالتحديد_ التي اضرت بمحاصيلنا واراضينا التي اكلها الملح فضلا عن الغازات المنبعثة من المبزل التي جلبت لنا الامراض والويلات، فأين آليات الدائرة وحفاراتها التي لم نر لها وجودا فاعلا في كري الانهر والمبازل وتنظيفها؟ هناك تهاون كبير واضح وأهمال في هذا الموضوع. ولاندري هل هناك قصد بهذا الأمر؟ لأننا وعلى مر هذه السنوات لم ندع بابا الا وطرقناه من الاعلام والصحافة واللقاءات بالمسؤولين ولكن دون جدوى.
اما الجانب الحكومي فله تصوراته واجراءاته حول تنفيذ الخطة الصيفية.
الجانب الحكومي
اذ عقد مدير الموارد المائية قبل ايام في كربلاء المقدسة المهندس عبد الأمير رشيد صالح أجتماعاً مع مدراء الري والماء والصيانة في المحافظة جرى فيه استعراض الواقع الإروائي والإطلاقات المائية وآليات العمل المتخذة في ازالة التجاوزات، وخطة التطهيرات للجداول الرئيسة والفرعية داخل مركز المدينة القديمة لتأمين إيصال الحصص المائية واستعداداً لزيارات المليونية .
مؤكدا: ان الحملة ازالت التجاوزات بكل انواعها وساهمت بشكل كبير بضبط الاستهلاكات المائية، وضمان التوزيع العادل للحصص المائية.
بين شكاوى ومعاناة مزارعي وأهالي منطقة الحر الصغير؛ وتصريحات المسؤولين بوضعهم الخطط (الصيفية) الكفيلة بتزويدهم بماء السقي وتوفير مياه الشرب يبقى المواطن الكربلائي في منطقة (الحر الصغير) في هذه الاشهر اللاهبة يطالب بالحلول السريعة الناجعة؛ لمشكلات المياه التي يعاني منها سنويا فضلا عن مطالبته بانجاز تغليف المبازل وصيانة شبكات مياه الشرب واستبدال الانابيب بسعة أكبر وحجم يتناسب مع التوسع العمراني والسكاني الذي تشهده مدينة كربلاء المقدسة.
المصدر جريدة صباح كربلاء