على مقربة من العتبتين المطهرتين للجهة الشمالية في كربلاء المقدسة، يمتد سوق باب السلالمة حيث تفيض رائحة الماضي من بين جدرانه العتيقة وهو مقصد للمتبضعين والسائحين والوافدين وبينما كانت تحملني قدماي بخطوات بطيئة في ذلك السوق حتى وقعت عيني على فضيلة الدكتور محمد التيجاني الذي كان يتجول في ذلك السوق كعادته كل ما زار مدينة كربلاء المقدسة فقد التقيت به مرات عديدة من خلال عملي الصحفي والإعلامي وبعد تجوال قصير كانت لدية رغبة بالحديث حول كتاب (لأكون من الصادقين) والذي يقع في 245 صفحة ومن القطع الكبير إذ يقول السيد التيجاني:
“بعد تأليف كتاب ثم اهتديت، الذي لقي قبولاً حسنا عند القراء الذين ابدوا بعضا من الملاحظات الهامة حول موضوعات متفرقة في الكتاب المذكور واعترض البعض منهم على عنوان الكتاب لانطوائه على غموض قد يبعث على التأمل والتساؤل حول ما اذا كان الآخرون على ضلالة وما مدلول تلك الضلالة ان قصد هذا المعنى كما طلبوا مني المزيد من التوضيح في المسائل التي اختلف في فهمها كثير من المسلمين، سنةٌ وشيعة ومن اجل رفع اللبس والغموض عن ذلك لمن اراد التحقيق، والوقوف على جلية الأمر؛ فقد قمت بتأليف هذا الكتاب بنفس الأسلوب الذي اتبعته هناك ليسهل على الباحث المنصف الوصول إلى الحقيقة من أقرب سبلها”، وحول الرد على الضلالة، يقول الدكتور التيجاني: “جاء في القرآن الكريم لفظ الضلالة بمعنى النسيان؛ قال تعالى: (قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى).
وقال عز وجل: (أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) كما ورد في القرآن الكريم لفظ الضلالة تعبيرا عن حالة التحقيق والبحث والتفتيش؛ قال تعالى مخاطبا رسوله الكريم (ص): (ووجدك ضالا فهدى) أي وجدك تبحث عن الحقيقة فهداك إليها المعروف. ومن سيرته (ص) أنه قبل نزول الوحي عليه كان يعتزل قومه في مكة ليختلي في غار حراء الليالي المتعددة؛ باحثا عن الحقيقة، ومن هذا المعني أيضا قوله (ص) (الحكمة ضالة المؤمن أين ما وجدها أخذها) هذا أولا؛ ثانيا وعلى فرض أن العنوان يتضمن معنى الضلالة التي تقابل الهداية فيما نقصده على المستوى الفكري من إصابة المنهج الإسلامي الصحيح الذي يضعنا على الصراط المستقيم – كما عقب بعض من القراء – فليكن كذلك وهو الواقع الذي يتهيب مواجهته بعضهم بروح رياضية بناءة، ونفس موضوعي خلاق ينسجم في الفهم مع قول الرسول (ص) (تركت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا)؛ فالحديث واضح وصريح في الإشارة إلى ضلال من لم يتمسك بهما معا (الكتاب والعترة) وعلى أية حال فأنا مقتنع بأنني اهتديت بفضل الله سبحانه وتعالى إلى التمسك بكتاب الله وعترة الرسول (ص) فالحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق”.
ويتابع التيجاني: “أخيرا وليس اخرا يتضمن ذلك الكتاب الذي يقع على (245) صفحة من القطع الكبير على (28) بابا بعنوانات مختلفة تضم في طياتها كثيرا من الأحاديث التي وردت في كتب أهل السنة والجماعة بحق أهل بيت النبوة، ويثبت الكتاب بأن الكثير من الأعمال والأمور التي هي موجودة أيضاً في صحاح أهل السنة والجماعة، وذلك بذكر المصادر التي تثبت ذلك إذ يبتغي الكاتب من وراء ذلك بيان ما تبيّن من الحق راغبا في مساعدة من يريد البحث عنه املا أن يساهم ذلك في قيام الوحدة الإسلامية على أساس فكري متين”.
المصدر جريدة صباح كربلاء