مهما تعددت اسباب الزلزال لكن يبقى السبب الرئيس في هذه الظاهرة الطبيعية عائدا إلى حركة الصفائح التكتونية للارض فهي في حركة دائمة وبطيئة جدا قد تصل بضع سنتيمترات في السنة فإذا ما تقاربت صفيحتان وتلامستا حتى نتج عنهما زلزال يترك آثارا واضحة على وجه الأرض في منطقة حدوثه، تتحرك هذه الصفائح تقاربا فتحتك احداهما بالاخرى وتتباعد من جهة أخرى لتحدث اخاديد في قشرة الأرض مخلفة دمارا هائلا خلال دقائق، هذا في الحوادث الطبيعية المعروفة لدى علماء الجيولوجيا و مع ذلك يذهب اليوم بعض المحللين من العسكرين والعلماء ان الدول الكبرى تمتلك سلاحا جديدا يسمى ( السلاح التكتوني) له تأثير كبير في تحريك الطاقة الكامنة في الصفائح التكتونية وتحريكها في مناطق محددة والتحكم بخارطة وقوعه أيضا كما وقع في الزلزال الاخير على الحدود التركية السورية أي بين صفيحة الأناضول وصفيحة الدرع العربي…
كما يوعز البعض ان احد اسباب الزلزال الاخير في جنوب شرق تركيا الي الإفراط الكبير من قبل الحكومة التركية في إقامة السدود على مجاري الأنهار وإنشاء بحيرات اصطناعية كبيرة لتخزين المياه واستخدامها لتوليد الطاقة الكهربائية مما يعتبره البعض عمل عبثي متعمد في الطبيعة دون مراعاة التركيبة الجيولوجية للمنطقة، لان كميات المياه الهائلة هذه إضافة إلى الكتل الخرسانية المستخدمة في بناء السدود تشكل خطرا او سببا في حدوث الزلازل…
وعلى أية حال فالزلزال وقع مهما تعددت الأسباب فالنتيجة واحدة…
تعتبر منطقة وقوع الزلزال منطقة حيوية جدا لما تحويه من المصانع الكبيرة للاسلحة والمصانع الأخرى والمساحات الزراعية الشاسعة ومحطات توليد الطاقة المعتمدة على السدود وبحيرات تخزين المياه إضافة إلى الموانئ وخطوط تصدير النفط القادم من العراق تحديدا..
كما أن هذه المنطقة تتواجد فيها قوميات مهمة مثل العرب والكرد والأرمن والشركس لذلك فتركيا اليوم مهددة بالتقسيم اذا ما تركت هذه المنطقة دون عناية واعادة بناء بشكل سريع كما أن عدم الاسراع في بناءها يترك فراغا أمنيا يسمح للامريكان التدخل في تنفيذ مشروع بايدن لتقسيم دول المنطقة وإقامة دولة كردية في جنوب تركيا متصلا باقليم كردستان العراق..
اذن الخطر يحيق بتركيا من جهات عدة فهي يتوجب عليها ان تعيد بناء المناطق المنكوبة إضافة إلى خطر تدخل القوات الأجنبية تحت ذرائع شتى على غرار تدخلها في العراق وسوريا إضافة إلى رصد حركة القوميات في هذه المنطقة التي تريد الانفصال عن تركيا خصوصا الكرد التي ترعى مصالحهم أمريكا وإسرائيل.
ولا يغيب عنا وهذا مهم جدا أن نتطرق الى سياسة اوردغان إذ لم تكن واضحة فتركيا عضوا في حلف الناتو لكنها تتعامل مع روسيا كشريك ستراتيجي من خلال إقامة مشاريع عملاقة كمشروع تخزين الغاز الروسي في الأراضي التركية بعد تفجير أنبوب الغاز نوردستريم في البلطيق وعمدت تركيا إلى غلق مضيقي البسفور والدردنيل بوجه السفن الحربية الأمريكية لتحول دون تمكنها من الوصول إلى البحر الاسود وهذه سياسة تغضب الولايات المتحدة ولهذا كسرت إحدى السفن الأمريكية هذا الحظر ودخلت للبحر الاسود فور وقوع الزلزال.
ولا ننسى سياسة تركيا مع جيرانها العراق وسوريا فهي تمددت في شمال العراق واسست قواعد هناك تحت ادعاء ضرب حزب العمال الكردستاني وقدمت الدعم للجماعات الإرهابية التي استولت على الموصل وفتحت لها الحدود… ❗
كما انها انهكت الاقتصاد العراقي من خلال تهريب النفط بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان العراق
وخربت سوريا ودعمت الجماعات الإرهابية من تنظيم داعش طيلة هذه الفترة ومنعت القوات الحكومية الرسمية السورية من الدخول إلى مدينة إدلب وعين العرب ومدن أخرى في شمال سوريا وتطالب بإقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتر شمال سوريا… هذا كله جعل جيرانها في العراق وسوريا لا ينظرون إليها بارتياح وشعروا ان تركيا تريد الاستيلاء على أراضيهم والتحكم بمصير ثرواتهم وتأسيس أنظمة حكم سياسية موالية لها واستعملت ورقة المياه وإقامة السدود ومنع تدفق المياه إلى سوريا والعراق كورقة ضغط لتحقيق ما ترمي إليه من أهداف….
اذن تركيا اليوم تعاني من معضلة كبرى وليس مشكلة بسيطة، فقد دمر الزلزال منطقة اقتصادية حيوية كبيرة ولهذا له آثار اقتصادية سيئة على الاقتصاد التركي الذي هو اساسا يعاني من انهيار العملة التركية وديون اثقلت كاهلها وسدود مياه أصبحت تشكل خطرا على الأرض مما يضطرها إلى فتح بوابات المياه لتتدفق داخل الأراضي السورية والعراقية مما يؤدي إلى خفض توليد الطاقة الكهربائية والذي يؤدي بدوره إلى توقف الكثير من المصانع وأدنى مستوى الحياة الاقتصادية ولا ننسى ان تدفق المياه إلى سوريا والعراق يعيد النشاط الزراعي واستصلاح الأراضي التي تحولت إلى صحاري وتعيد الحياة إلى الاهوار التي غابت عنها منذ زمن بسبب سدود اوردغان.. كما أن تهريب النفط العراقي سيتوقف خلال هذه الفترة بسبب الدمار الهائل في منطقة مرور أنبوب النفط… انتعش سعر الدينار العراقي بعد الزلزال وكان قبله عمليات ضغط مستمرة على العراق لتمرير أنبوب الغاز عبر الأراضي التركية.
فتركيا اليوم تعاني من معضلة اقتصادية قد تستمر لسنوات طويلة قادمة ناهيك عن الوضع السياسي المتهرئ وتمرد القوميات في جنوبها وعلاقاتها المتذبذبة مع دول أوربا والناتو وعلاقاتها السلبية مع جيرانها الذين تتعامل معهم بتعالي واعتبارهم بقايا رعايا الدولة العثمانية.
ولهذا فالدولة التركية مهددة بالانهيار والتفكك مالم تذعن تركيا تماما إلى أوامر الإدارة الأمريكية وتنساق وراء سياسة الناتو لتكون اول سد للناتو بوجه روسيا.