برنامج يرتاده عشرات الآلاف من المشاركين العطلة الصيفية بين حرارة الجو ونسمات النشاط المعرفي

صادق زكي

ما أن تحل العطلة الصيفية حتى يبدأ ملل الفتية والشباب وأقرانهم من الإناث؛ من فراغ الوقت عما كان يشغلهم من دروس وتعليم في المدارس، وتبدأ حيرة الأهالي باستثمار هذا الوقت وقتل ذاك الفراغ، فالنزهة ليوم أو يومين ومثلها زيارة الأقارب، ولكن ماذا بعد ذلك؟ لذا شرعت العتبات المقدسة في كربلاء بوضع برامج تستوعب آلاف المشاركين وفي محافظات العراق المختلفة، بل أصبحت تقليدا سنويا عند معظم أهالي المدينة، وينتظر الصغار والكبار انطلاق هذه البرامج ليشاركوا فيها، وسط تشجيع ذويهم؛ الذين وجدوا فيها أفضل استثمار، إذ وفرت العتبات المقدسة وسائل الراحة وسط تنظيم عالٍ، انطلاقا من حافلات النقل وانتهاءً بأماكن مكيفة تتخللها وجبات اطعام وأماكن استراحة ورحلات للترفيه، (صباح كربلاء) حاولت تسليط الضوء على هذه النشاطات من خلال هذا الريبورتاج.

برنامج التطوير الحسيني الشامل

أطلق قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، برنامج التطوير الحسيني الشامل بنسخته الثامنة في محافظة كربلاء، وتنظم البرنامج جمعية كشافة الكفيل التابعة للقسم. وقال المفوض العام لجمعية كشافة الكفيل السيد علي حسين عبد زيد: “إن برنامج التطوير الشامل يُعد أحد أهم البرامج الكشفية التي تنظمها الجمعية، ونسعى عبره لاستثمار العطلة الصيفية بما هو مفيد ونافع للفتية الذين تتراوح أعمارهم بين (10 و12) سنة”.
وأضاف عبد زيد: “سعينا في هذه النسخة إلى أن يكون البرنامج التدريبي متكاملاً من جميع النواحي النظرية والعملية، فهو يتضمن جملة من الفعاليات والأنشطة المختصة بتنمية الجوانب العلمية والمعرفية والفكرية والثقافية والكشفية وتطويرها، فضلا عن تنمية المهارات الفنية”، مبينًا: “أنّ توزيع فقرات المنهاج التدريبي جاء على مجموعة من القيم والصفات الشخصية المهمة، منها التحمل والانضباط والصبر”.
وتابع عبد زيد: “شارك في البرنامج أكثر من (450) ناشئًا من محافظة كربلاء والمحافظات العراقية وهذه هي الدفعة الاولى من المشاركين؛ إذ سيصل مجموع المشاركين الكلي في البرنامج الى (1500) مشارك بجميع مراحله وبمختلف فعالياته، من أجل توعيتهم وتدريبهم بمختلف العلوم والمعارف، وأُطلقت فقراته في موقعين مختلفين، الأول في جامعة العميد، والثاني في مقر الجمعية”.
من جانبه قال مسؤول شعبة الأنشطة والمخيّمات في جمعيّة كشّافة الكفيل التّابعة للقسم الدكتور زمان الكناني: “إنّ الدّورة الأولى من برنامج التّطوير الحسيني الشّامل المقام في جامعة العميد تضمّ برنامجًا متخصّصًا يهدف إلى اكتشاف المواهب وتطويرها، وبعد اكتشافهم يتمّ إشراكهم في برامج خاصة لصقل وتطوير موهبتهم في مجالات مختلفة”.
وأضاف الكناني: ” أنّ برنامج التّطوير الشامل يُعد أحد أهم البرامج الكشفيّة التي تنظمها الجمعيّة، ونسعى عبره إلى استثمار العطلة الصّيفيّة بما هو مفيد ونافع لمختلف الفئات العمرية من تسعة أعوام إلى (19) عامًا، يقسّمون على ثلاث فئات أشبال وكشّافة وجوّالة وتقدّم لهم دروس ومحاضرات وورش في مختلف الجوانب البدنيّة والتدريبيّة والمعرفيّة والعلميّة والثقافيّة والأخلاقيّة وغيرها”.
موضحا: “تشرف على البرنامج نخبة من الكفاءات العلمية من حملة الشهادات العليا، وطلبة العلوم الدينية، ومدربي التنمية البشرية، إذ تنطلق أنشطته وفعالياته على شكل مراحل خلال العطلة الصيفية ولمدة أكثر من شهر، تتخللها فترات استراحة تحضيرية قصيرة، وفقًا للمفوض العام للجمعية”.

الدورات الصيفية القرآنية
باشرت دار القرآن الكريم في العتبة الحسينية المقدسة بالتعاون مع شعبة التبليغ الديني التابعة لقسم الشؤون الدينية في العتبة الحسينية المقدسة بالدورات القرآنية الصيفية في الصحن الحسيني الشريف مع مطلع شهر حزيران الجاري.
وقال مسؤول الإعلام القرآني في دار القرآن الكريم كرار الشمري: ” ان دار القرآن الكريم أطلقت الدورات القرآنية الصيفية للطلبة والطالبات بمشاركة (3500) طالبة و(500) طالب من محافظة كربلاء المقدسة وتستمر الدورات طيلة أيام العطلة الصيفية لاستثمارها بشكل جيد في تعليم الطلبة ثقافة القرآن الكريم”.
وبين الشمري: “ان الدورات تتضمّن دروساً في تعليم القرآن الكريم ودروسا أخلاقية وتربوية وفقهية كما تتضمّن سفرات ترفيهية”.
موضحا: “ان الدار افتتحت 250 دورة قرآنية موزعة على فروع دار القرآن الكريم في العراق بالإضافة إلى 6 دورات في قضاء عين التمر و10 دورات في قضاء الجدول الغربي”.
وعلى صعيد متصل اطلقت العتبة العباسية المقدسة مشروع الدورات القرآنية الصيفية في رحاب حرم أبي الفضل العباس(عليه السلام) ومجمّع العباس السكني، وكذلك في مساجد وحسينيات مركز المدينة والأحياء المحيطة به؛ وبإشراف معهد القرآن الكريم التابع للمجمع العلمي للقرآن الكريم. وقال مدير المعهد الشيخ جواد النصراوي: “إن المعهد باشر بدروس مشروع الدورات القرآنية الصيفية في الصحن المطهر بمشاركة آلاف الطلبة موزعين على حلقات دراسية”، مبينا: “ان دوام الطلبة من السبت إلى الأربعاء، والدروس تبدأ من الساعة (8:00-11:30) صباحاً مع أوقات راحة وتغذية بين الحصص الدراسية، وأن يومي الخميس والجمعة استراحة”.
وأضاف النصراوي: “ان الطلبة يتلقون دروساً في القرآن الكريم والعقائد والفقه والسيرة والأخلاق وبرامج ثقافية وألعاب كشفية ومحافل ومسابقات، وان معهد القرآن الكريم افتتح ضمن مشروع الدورات القرآنية الصيفية في محافظة كربلاء المقدسة، (218) موقعاً انتشرت في مركز المحافظة واقضيتها ونواحيها”.
مشيرا إلى: “أن عدد المشاركين في مشروع الدورات القرآنية الصيفية بمركز مدينة كربلاء المقدّسة، بلغ نحو (4000) طالب، يتلقّون دروسهم بإشراف (150) أستاذًا، معظمهم من خرّيجي مشاريع المعهد التخصّصية السابقة، وقد استُثمِرت هذه الطاقات القرآنية في هذا المشروع الكبير”.

أكاديميون متطوعون
وشهد مشروع الدورات الصيفية الوطني تطوع عدد من أساتذة الجامعات والأكاديميين لتدريس القرآن الكريم في المساجد والدورات المنتشرة في غالبية محافظات العراق. وانضمّ الأكاديميون لتعليم القرآن بعد واجبهم العلمي في أروقة الجامعات العراقية، إذ سبق وأن تدرّبوا في المشروع التعليمي القرآني المستمر الذي أشرف على تنظيمه معهد القرآن الكريم في كربلاء التابع للمجمع.
وعبر رئيس المجمع العلمي للقرآن الكريم الدكتور مشتاق عباس العلي عن اعتزاز العتبة العباسية المقدسة بمشاركة الأكاديميين، الذين يحملون اختصاصات علمية أخرى، موضحًا أنّ هذه المبادرة تعطي مؤشرًا طيبًا لتفاعل واهتمام الأكاديميين الواضح لأجل نشر الثقافة القرآنية، على وفق رؤية العتبة المقدسة.
وقال العلي: “إنّ مشاركة الأكاديميين في تدريس القرآن الكريم تُعد أحد شواهد نجاح العمل القرآني لتشكيلات المجمع العلمي، لا سيّما معهد القرآن الكريم في كربلاء المقدسة، لإشاعة ثقافة خدمة كتاب الله في المجتمعات الإنسانية المختلفة”.
مضيفا: “ان مشاركة الاختصاصات العلمية الأخرى في تعليم طلبة الدورات الصيفية تُعد ميزة للمشروع في هذا العام، مشيرًا إلى أنّ الأساتذة تنوعت اختصاصاتهم بين الهندسة، والصيدلة، والكيمياء، واللغة العربية، فضلاً عن طلبة العلوم الدينية، الذين اختصوا بتعليم القرآن الكريم عبر الدورات المستمرة التي أقامها المعهد”.
من جهتهم عبّر الأكاديميون عن شكرهم للعتبة العباسية المقدسة ممثلة بالمجمع العلمي للقرآن الكريم على إتاحة فرصة خدمة الدين والمذهب والمشاركة في بناء جيل ناشئ على حبّ القرآن الكريم.

الملتقى الفني الدائم للبنات
واصل قسم التنمية والتأهيل الاجتماعي للشباب/ شعبة الفنون والمسرح التابع للعتبة الحسينية المقدسة بالملتقى الفني الدائم للبنات والذي يستمر طيلة سنة ٢٠٢٤م.
وقال مسؤول شعبة الفنون والمسرح وسام عبد السلام: “إن الملتقى وبحسب الخطة المعدة يستمر بواقع يومين في الاسبوع وقد باشر بمنهاج خاص بالعطلة الصيفية يتضمن دورات تخصصية بفنون متنوعة، لها الشأن في زيادة الوعي الفني وأهميته”. مضيفا: “ان الملتقى انطلق بمحور فن الرسم بقلم الرصاص، وكانت التدريبات في كل محور تمر بثلاث مراحل (أساسية، متوسطة، متقدمة) ومن ثم انطلق في دورات تخصصية اخرى”.
لافتا إلى: “ان الملتقى أقام مؤخرا دورة للحياكة شهدت إقبالاً واسعاً من المشاركات؛ وأنها استهدفت الفئة العمرية من (15 إلى 35) عاماً، واستمرت لمدة ثمانية أيام وبواقع ساعتين تدريبيتين في اليوم الواحد، وبلغ عدد المشاركات (60) مشاركة”.
وأوضح عبد السلام: “أن الهدف من الدورة هو تعليم المشاركات مهارات جديدة تُثري حياتهن وملء أوقات الفراغ بما هو مفيد، وتمكين المشاركات من صنع منتجاتهن الخاصة وتشجيع الإبداع والابتكار لديهن”.
مشيرا إلى: “ان الشعبة بصورة خاصة والقسم بصورة عامة يسعى في تنفيذ الخطة المعدة والرؤية المستقبلية في احتواء الشابات فنياً وعلمياً وثقافياً، وتمكينهن من تطوير مهاراتهن؛ لتساعدهن في أن يكونن ذوات تأثير وقدوة لأقرانهن”.
ولذوي الاحتياجات الخاصة نصيبهم
ومن ضمن الأنشطة الصيفية نظّم قسم العلاقات العامة في العتبة العبّاسية المقدّسة برنامجاً متكاملاً لوفد مؤسّسة الغدير لذوي الاحتياجات الخاصّة، وقال محمد سعد من شعبة العلاقات والتنسيق الداخلي: “إنّ القسم نظّم برنامجاً متكاملاً لمؤسّسة الغدير لذوي الاحتياجات الخاصّة من محافظة النجف الأشرف، بهدف دعم هذه الشريحة ومساعدتهم في توفير احتياجاتهم كافة، وان البرنامج جاء بتوجيهٍ من قِبل إدارة العتبة العبّاسية المقدّسة، التي حثّت على رعاية طبقات المجتمع كافة، وخصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصّة”.
من جانبه قال رئيس مؤسسة الغدير جاسم الطيار: “إن العتبة العبّاسية المقدّسة دأبت على رعاية مؤسّسة الغدير منذ أكثر من عشر سنوات، وخصّصت لهم برامج وأنشطة سنوية بهدف دعم هذه الشريحة ومساعدتهم في توفير احتياجاتهم كافة”.
وأضاف، أن “البرامج السنوية تضمّنت، زيارة العتبات المقدّسة وإقامة أنشطة ثقافية، وتوفير وجبات غذائية، وتوزيع الملابس والهدايا”.
وتابع الطيار: “ان العتبة العبّاسية المقدّسة أقامت برنامجاً متكاملاً لـ(100) شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحرصت أقسام العتبة المقدّسة على توفير سبل الراحة كافة لهذه الشريحة، عبر تسهيل عمليات الدخول والخروج وتخصيص الأماكن الخاصّة لهم”.

المصدر جريدة صباح كربلاء